الأحد، 17 مارس 2019


(سليمان الحلبي)
في عام 1798 م، وعلى شواطئ الإسكندرية تتقدم سفن غازية بقيادة القائد الفرنسي الإيطالي الأصل (نابليون بونابرت) في حملة عسكرية صليبية فرنسية على مصر!
في البداية أظهر نابليون أنه لم ياتِ إلّا لنشر الحضارة والرقي في أرجاء مصر، فبعث برسالة إلى شريف مكة (غالب بن مسعود) وإلى مشايخ وأعيان الأزهر يزعم فيها بأنه قد هدم الكنائس في أوروبا، وأنه خَلَعَ بابا روما قبل قدومه إلى مصر، وأنه عاشقٌ للنبي محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل هو -أي نابليون- نصير للدين الإسلامي! إلّا أن هذه الخدعة القديمة لم تنطوِ على الموحدين من أهل المحروسة، فاشتعلت شرارة "ثورة القاهرة الأولى" ضد الفرنسيين، عندها ظهر الفرنسيون على حقيقتهم، واتضح أن دعاة الثقافة والحضارة ما زالوا يحملون في صدورهم إرثًا صليبيًا قبيحًا، فاقتحم الفرنسيون الأزهر بخيولهم، وداسوا على كتاب اللَّه بأقدامهم، ونصبوا المدافع على "جبل المقطم" ودكوا أحياء مصر القديمة، وحولوا حي "بولاق" إلى أنقاض، وهدموا المساجد على مصليها. عندها هب رجال الأزهر الشرفاء يجاهدون في سبيل اللَّه، فقتل الصليبيون الفرنسيون في يومٍ واحدٍ ألفين من خيرة علماء الأزهر ومما يرويه المؤرخ المصري (الجبرتي) في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" عن كيفية التعاون الصليبي الخائن (يعقوب حنا) مع المحتلين ضد أبناء بلده مصر، وكيف كوَّن فيالقًا من الخونة الصليبيين من سكان البلد الأصليين من أمثاله لمعاونة الفرنسيين في اقتحاماتهم لبيوت مواطنيهم من المسلمين المصريين!
وبعد أن اعتقد نابليون أنه استطاع وأد الانتفاضة المصرية، رجع إلى فرنسا ليكمل سجله الإجرامي في الشعوب الأوروبية، تاركًا القيادة لمجرم حرب آخر اسمه (كليبر)، هذا القائد الفرنسي كان صليبيًا حتى النخاع، فما إن أمسك بزمام الأمور بعد سلفه حتى أظهر الفرنسيون فجورهم بوضوح صارخ، فحولوا مساجد مصر إلى بيوت دعارة لتسلية جنودهم الأوغاد، واغتصبوا الفتيات المسلمات أمام آبائهن، وقتلوا الأطفال الرضع أمام أمهاتهم، وظن الجميع أن الإسلام قد انتهى في مصر.
وعندها هبَ المجاهدون من كل مكان يرفعون راية "لا إله إلا اللَّه، محمد رسول اللَّه" في كل أرجاء مصر، وتحولت مصر إلى كتلة من نار في وجه الغزاة، وانتفض المصريون المجاهدون في صعيد مصر وساحله في وجه الفرنسيين، وأغار فرسان المماليك الأبطال على الصليبيين في كل مكان، وأبحرت وفود من مجاهدي الحجاز من مكة والمدينة إلى الشاطئ المصري لنصرة إخوانهم المسلمين، وتسلل آلاف المقاتلين الأتراك سرًا إلى القاهرة للمشاركة في الجهاد الذي أعلنه خليفة رسول اللَّه العثماني (سليم الثالث)، وتحولت مساكن الطلاب المغاربة في الأزهر إلى ثكنات للمقاومة الشعبية، أمّا رواق الشوام في الأزهر، فحدث عنه ولا حرج، فلقد تطوع أبناء الشام الإسلامي في صفوف المقاومة الشعبية المصرية، وكان من بينهم الأبطال شابٌ كردي من مدينة "حلب" قتل الصليبيون الفرنسيون أستاذه الشيخ المصري المجاهد (الشرقاوي)، ودنسّوا الجامع الأزهر بخيولهم أمام ناظريه، فامتلأ صدر هذا الشاب الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره غلًا على أولئك القتلة المجرمين، فقرر أن ينفذ عملية فدائية نوعية، تتطلب منه أن يضحي بروحه لإنجاحها!
كان اسم هذا الشاب (سليمان الحلبي)، هذا الشاب الكردي البطل قرر اقتحام القصر العسكري والهجوم على مركز قيادة الجيش الفرنسي بمفرده في عملية معقدة يقتل في نهايتها القائد العام للقوات الغازية الصليبية، وفعلًا نفذ سليمان الحلبي هذه العملية الفدائية بكل نجاح، وخلص المسلمين والإنسانية من شر مجرم حرب اسمه (جين بابتسه كليبر).
ولكن انظر ما الذي صنعه دعاة الحرية والتقدم بسليمان الحلبي بعد ذلك!
لقد أحرقوا يده حتى ظهر عظم يده منها، ثم أحرقوا ثلاثة من الفلسطينيين من أبناء "غزة" أمامه وهم أحياء بعد أن ثبت تعاون أولئك الغزيين الأبطال معه في الإعداد لقتل كليبر، أما هو رحمه اللَّه فقد قتله دعاة الرقي والحضارة بأن وضعوا أداة حادة تدخل من مؤخرته لتمزق أحشاءه تمزيقًا من الداخل وهو حي ليتركوه على هذا الحال مصلوبًا عدة أيام تنهشه الطيور الجوارح، الغريب أن أولئك المجرمين لم يكتفوا بما فعلوه ببطلنا حيًا، فأخذوا جمجمته ميتًا ليحتفظوا بها في متحف الإنسان في باريس "  Musee de IHomme  كاتبين تحتها بفرنسية "  Criminel"  أي "مجرم"!!!
والحقيقة أن الشيء الذي يدعو للاشمئزاز بالفعل ليس إجرام الفرنسيين القدماء، بل في ما يفعله الفرنسيون "الجدد" الذين ما زالوا يحتفظون بجمجمة هذا المجاهد في متحفهم إلى يومنا هذا! وواللَّه ولو كنت مسئولًا عربيًا ما تركت أحدًا من دعاة الديمقراطية الفرنسية يناقشني في أمرٍ من أمور الحرية وحقوق الإنسان في بلداننا إلّا وناقشته عن أمر تلك الجمجمة التي يحتفظون بها في متحفهم!
سليمان البطل لم يكن مجرمًا كما يصوره الفرنسيون، بل كان شابًا من خيرة شباب الإسلام، كل ذنبه أنه أراد أن يتعلم في جامعته الأزهر، فراعه قتل الفرنسيين لأستاذه المسن، واشمأز من تمزيق دعاة العلم لكتاب اللَّه المقدس، فانتقم من ظلم نابليون وملئه انتقامًا يليق بظلمهم وجبروتهم.
المصادر الأجنبية -الإنجليزية منها والفرنسية على حد سواء- تزعم أن سليمان الحلبي ما قتل كليبر إلّا ليخلص والده من ضرائب فرضها عليه الأتراك!

السبت، 16 مارس 2019


شهيد العلم والمعرفة
اطلبوا العلم من المهد الى اللحد
محمد بن كعب القُرَظِي (120 هـ)
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فضيل البزاز: كان لمحمد بن كعب جلساء كانوا من أعلم الناس بتفسير القرآن، وكانوا مجتمعين في مسجد الربذة، فأصابتهم زلزلة، فسقط عليهم المسجد، فماتوا جميعا تحته.
قال ابن حبان: كان من أفاضل أهل المدينة علما وفقها وكان يقص في المسجد، فسقط عليه وعلى أصحابه سقف، فمات هو وجماعة تحت الهدم. توفي سنة عشرين ومائة.
وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "يخرج من الكاهنين -يعني قريظة والنضير- رجل أعلم الناس بكتاب الله" قال سفيان: يرون أنه محمد بن كعب،
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق أنه قال يخرج من أحد الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسها أحد يكون بعده قال ربيعة فكنا نقول هو محمد بن كعب والكاهنان قريظة والنضير
قال القرظي: إذا أراد الله بعبد خيرا زهده في الدنيا، وفقهه في الدين وبصره عيوبه، ومن أوتيهن أوتي خير الدنيا والآخرة.
قال في قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة (22) إلى ربها ناظرة} قال: نضر الله تلك الوجوه وحسنها للنظر إليه.
عن محمد بن إسحاق قال: سمعت محمد بن كعب يحدث: إن الله عز وجل لم يمس بيده شيئا إلا ثلاثة: آدم عليه السلام. والتوراة فإنه كتبها لموسى بيده، وطوبى شجرة في الجنة، غرسها الله بيده، ليس في الجنة غرفة إلا فيها منها فنن وهي التي قال الله عز وجل: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب}
جاء عنه: أنه قال في قوله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} نزلت تعييرا لأهل القدر.
وعن محمد بن كعب قال: نزلت هذه الآية {يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر (48) إنا كل شيء خلقناه بقدر} في أهل القدر.
وروى اللالكائي بسنده: عن خصيف قال: سأل مجاهد محمد بن كعب القرظي وأنا معه {إن كتاب الفجار لفي سجين} قال: فقال محمد: رقم الله عز وجل كتاب الفجار في أسفل الأرض فهم عاملون بما قد رقم عليهم في ذلك الكتاب.
عن محمد بن كعب القرظي أن الفضل الرقاشي قعد إليه فذاكره شيئا من القدر فقال له محمد بن كعب القرظي تشهد؟ فلما بلغ من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له رفع محمد عصا معه فضرب بها رأسه وقال قم فلما قام فذهب قال لا يرجع هذا عن رأيه أبدا.
وجاء في الإبانة: عن عمر مولى عفرة: سمعت محمد بن كعب يقول: والله لوددت أن المكذبين بالقدر جمعوا إلي، فإن لم أفلح عليهم ضربت رقبتي، والله إن قولهم للكفر البواح.
عن أبي داود أن محمد بن كعب قال لهم: لا تجالسوهم -يعني القدرية، والذي نفسي بيده؛ لا يجالسهم رجل لم يجعل الله عز وجل له فقها في دينه وعلما في كتابه إلا أمرضوه، والذي نفسي بيده؛ لوددت أن يميني هذه تقطع على كبر سني وأنهم أتموا آية من كتاب الله، ولكنهم يأخذون بأولها ويتركون آخرها، ويأخذون بآخرها ويتركون أولها، والذي نفسي بيده؛ لإبليس أعلم بالله منهم، يعلم من أغواه وهم يزعمون أنهم يغوون أنفسهم ويرشدونها.
عن محمد بن كعب القرظي قال: لو أن الله عز وجل مانع أحدا لمنع إبليس مسألته حين عصاه، ودحره من جنته وآيسه من رحمته وجعله داعيا إلى الغي، فيسأله النظرة أن ينظره إلى يوم يبعثون؛ فأنظره، ولو كان الله مشفعا أحدا في شيء ليس في أم الكتاب لشفع إبراهيم في أبيه حين اتخذه خليلا وشفع محمدا - صلى الله عليه وسلم - في عمه.
عن محمد بن كعب قال: كان القدر قبل البلاء، وخلقت الأقدار قبل الأقوات، ثم قرأ: {فالتقى الماء على أمر قد قدر}
عن محمد بن كعب القرظي قال: لقد سمى الله عز وجل المكذبين بالقدر باسم، نسبهم إليه في القرآن؛ فقال عز وجل: {إن المجرمين في ضلال وسعر (47) يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر (48) إنا كل شيء خلقناه بقدر} قال: فهم المجرمون.
وقال محمد بن كعب القرظي: العباد أذل من أن يكون لأحد منهم في ملك الله تعالى شيء هو كاره أن يكون
قال محمد بن كعب: وقيل له: ما علامة الخذلان؟ قال: أن يستقبح الرجل ما كان يستحسن، ويستحسن ما كان قبيحا.
وقال: لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح: إذا زلزلت والقارعة. لا أزيد عليهما وأتردد فيهما وأتفكر أحب إلي من أن أهذ القرآن هذا وأنثره نثرا.
وقال لو رخص لأحد في ترك الذكر الرخص لزكريا عليه السلام، قال الله تعالى: {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا} [آل عمران: 41]. ولرخص للذين يقاتلون في سبيل الله، وقد قال الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا} [الأنفال: 45] .
وقال في قوله تعالى: {لولا أن رأى برهان ربه} [يوسف: 24] .
قال: علم ما أحل الله مما حرم.
وقال في قوله تعالى: {إن عذابها كان غراما} [الفرقان: 65] .
سألهم ثمن نعمة فلم يؤدوها، فأغرمهم ثمن نعمه، فأدخلهم النار.
وقال في قوله: {أو ألقى السمع وهو شهيد} [ق: 37] .
قال: وقلبه معه، يسمع القرآن لا يكون قلبه مكانا آخر.
وقال: كذبوا والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم ولكنهم الكهنة، ويتخذون النجوم علة ثم قرأ: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين {221} تنزل على كل أفاك} [الشعراء: 221-222] .
وقال: إن الله ابتدأ خلق إبليس على الكفر وعمل بعمل الملائكة فرده إلى ما ابتدأ خلقه عليه، وابتدأ خلق السحرة على السعادة وعملوا بعمل السحرة فردهم إلى ما ابتدأ خلقهم من السعادة حتى توفاهم على الإسلام.
وأصاب مالا فقيل له: ادخر لولدك فقال: لا ولكن أدخره لنفسي عند ربي وأدخر ربي لولدي
ويروي: أن أمه قالت له: يا بني لولا أني أعرفك صغيرا طيبا وكبيرا طيبا لظننت أنك أذنبت ذنبا موبقا لما أراك تصنع بنفسك بالليل والنهار، قال: يا أمتاه، وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع علي وأنا في بعض ذنوبي، فمقتني، وَقَال: اذهب لا اغفر لك، مع أن عجائب القرآن ترد بي على أمور حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي

masrazhar: الدرر السنية في الأذكار النبوية السيد عبد الله بن ...

masrazhar: الدرر السنية في الأذكار النبوية السيد عبد الله بن ... : بسم الله الرحمن الرحيم قال صلى الله عليه وسلم "الإحسان أن تعب...