الأربعاء، 7 يونيو 2017

الشاعر الهجاء دعبل بن علي :
شاعر هجاء خبيث اللسان، لم يسلم عليه أحد من الخلفاء ولا من وزرائهم ولا أولادهم ولا ذو نباهة، أحسن إليه أو لم يحسن، ولا أفلت منه كبير أحد.
يناقض “الكميت” في مذهبته فيناقضه المخزومي: وكان شديد التعصب على النزارية للقحطانية، وقال قصيدة يرد فيها على الكميت بن زيد، ويناقضه في قصيدته المذهبة التي هجا بها قبائل اليمن.
ألا حييت عنا يا مرينا
فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فنهاه عن ذكر الكميت بسوء.
وناقضه أبو سعد المخزومي في قصيدته وهجاه، وتطاول الشر بينهما، فخافت بنو مخزوم لسان دعبل وأن يعمهم بالهجاء، فنفوا أبا سعد عن نسبهم، وأشهدوا بذلك على أنفسهم.
وكان دعبل من الشيعة المشهورين بالميل إلى علي صلوات الله عليه،
وقصد أبا الحسن علي بن موسى الرضا، عليه السلام، بخراسان، فأعطاه عشرة آلاف درهم من الدراهم المضروبة باسمه، وخلع عليه خلعة من ثيابه، فأعطاه بها أهل قم ثلاثين ألف درهم، لم يبعها، فقطعوا عليه الطريق فأخذوها، فقال لهم: إنها إنما تراد الله عز وجل، وهي محرمة عليكم، فدفعوا إليه ثلاثين ألف درهم، فحلف ألا يبيعها أو يعطوه بعضها ليكون في كفنه، فأعطوه فردكم، فكان في أكفانه.
 
وكتبت قصيدته: “مدارس آيات” فيما يقال على ثوب، وأحرم فيه، وأمر أن يكون في أكفانه. ولم يزل مرهوب اللسان وخائفاً من هجائه للخلفاء، فهو دهره كله هارب متوار.
كان دعبل بن علي يقول: أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة، لست أجد أحداً يصلبني عليها.
قال دعبل: وصرع مرة مجنون بحضرتي فصحت به: دعبل، ثلاث مرات فأفاق من جنونه.
قال أبو خالد الخزاعي الأسلمي: قلت لدعبل: ويحك! قد هجوت الخلفاء والوزراء والقواد ووترت الناس جميعاً، فأنت دهرك كله شريد طريد هارب خائف، فلو كففت عن هذا وصرفت هذا الشر عن نفسك! فقال: ويحك؟ إن تأملت ما تقول، فوجدت أكثر الناس لا ينتفع بهم إلا على الرهبة، ولا يبالي بالشاعر وإن كان مجيداً إذا لم يخف شره، ولمن يتقيك على عرضه أكثر ممن يرغب إليك في تشريفه. وعيوب الناس أكثر من محاسنهم، وليس كل من شرفته شرف، ولا كل من وصفته بالجود والمجد والشجاعة ولم يكن ذلك فيه انتفع بقول، فإذا رآك قد اوجعت عرض غيره وفضحته -اتقاك على نفسه وخاف من مثل ما جرى على الآخر. ويحك، يا أبا خالد إن الهجاء المقذع آخذ بضبع الشاعر من المديح المضرع. فضحكت من قوله، وقلت: هذا والله مقال من لا يموت حتف أنفه.
قال دعبل بن علي  أنا ابن قولي:
لا تعجبي يا سلم من رجـل                  ضحك المشيب برأسه فبكى
وقال أبوتمام  أنا ابن قولي: 
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى           ما الحب إلا للـحـبـيب الأول
قال الحمدوي وأنا ابن قولي في الطيلسان:
طال ترداده إلى الرقو حتى                         لو بعثناه وحده لتـهـدي
قال الحمدوي: معنى قولنا: أنا ابن قولي، أي أني به عرفت.
 
قال مسلم بن الوليد:
مستعير يبكي علـى دمـنة                       ورأسه يضحك فيه المشيب
فسرقه دعبل، فقال:
لا تعجبي يا سلم مـن رجـل                   ضحك المشيب برأسه فبكرى

فجاء به أجود من قول مسلم، فصار أحق به منه.

ليست هناك تعليقات:

masrazhar: الدرر السنية في الأذكار النبوية السيد عبد الله بن ...

masrazhar: الدرر السنية في الأذكار النبوية السيد عبد الله بن ... : بسم الله الرحمن الرحيم قال صلى الله عليه وسلم "الإحسان أن تعب...