الجمعة، 20 مايو 2016


من وحي الكتابة والرسم على الجسد  
دهشة الكتابة والرسم على الجسد بالألم والجنون
تتعدد وظائف الوعي بالجسد / المعرفة التي نلمس حقيقتها عند ما يكون مرئيا ومقروءا بالمعنى الميتافيزيقي والفلسفي .. في ظل الحداثة الغربية حظي الجسد برد الاعتبار وانزاحت عنه القداسة ولم يعد يمكن اليوم تقديسه ..
وقد جاءت كلمة في الف ليلة وليلة تشير الى الوعي بالكتابة على الجسد مبكرا او يرصدها تقول) :  جرى لي حديث عجيب وامر غريب .. لو كتب بالابر على اماق البصر لكان عبرة لمن اعتبر ... ( ما يدفعنا هنا الى التساؤل : هل الكتابة على الجسد قدر على الانسان ..
فالمرا لا يستطيع قراءة المكتوب على اماق العين وعلى جبهة الجبين بلا مراة .. وعليها ينعكس صدى القدر الذي يحدد مصير الذات والرسم والحرف والحكي ..
الممارسة تزاول بالم بالغ ولذة ممتعة على الجسد / اللوحة / الورقة .. فالذي يرسم على الجسد ..او الذي يرغب في تخليد انطباع ما على جسده .. يكون قد رسم في داخله صورة ما عن الفكرة .. افكاره المتلبسة في فترات متتالية من حياته .. فهو يحاول ان يبقي تلك اللحظات ماثلة للتوثب مهما كبرت او صغرت .. عبر رسم او كلمة اوحرف او رقم في جسده ) الورقة( ليظل دائم التذكر والتفكر في دلالة الرمز والخلفيات
بمجرد الشروع في انكتاب الحرف على الجسد ) المحفور بتخطيطات الذاكرة لتثبت او ترسو عبر سطح الجلد لتخليدها ( في الجسد التابض بالحياة والامل والاحزان .. فان ابجدية الكائن تخضع لرغبة الاخر .. صراخ الجسد ضد الالام وصمت النص وتمرد الجسد .. لذة الالم في لوحة فنية بمدلولها الرمزي ..
والفكرة ترسخت عبر تراكماته التي هي امتداد لادراكنا .. لايحاءات الجسد بالحركة والسكون وادراكنا للجسد مرادف لادراكنا للحياة .. فقدرة الجسد المائل للرؤية / للقراءة هي امكانية لتجسيد نصية الحضور في غيابه .. وتقاطع المسافات يؤسس لفضاء القراءة .. حيث يعار الجسد المتحول الى العالم المرئي /المقروء .. مساحة كبيرة من الجسد توظف في هواجس اللغة يمتص الاثارة بالتلميح والتهريج حتى يصبح الجسد ملكا للجميع في تلويحاته ) خاصة اذا كان صاحبه في موقع يؤهله للجرأة المطلوبة (
واصبح الجسد عند اهل الفن والادب رمزا للشعب / الانسان المقهور وللوطن المكلوم
الكتابة كاداة تنم عن حضور متشابك في الرمز والحداثة
حضور الجسد صورة كتعطيل للعقل ونيابة عنه في الصراخ بالمراد اعلانه
الكتابة على جسد المراة يعني العمل الممتع لها في لحظات والعمل المرهق في فترة اخرى .. تمتحن انوثتها وتدفع الثمن ) الاعلان ( بالالم واللذة لاجل متعة الفن او الانتماء او لتخليد بعض اللحظات للذكرى
ولغة الجسد تنافي لغة العقل ويقال بان جسد المراة التي له جغرافية ميتافيزيقية سوف يكون له تاريخ صعب .. واصعب منه ان يصبح وسيلة تعبيرية
وهاته الظاهرة جاءت مرافقة لموجة ثقافة العري .. يتعرى الجسد ويتحرر بالايحاء والرمز من كل شيء .. وكان لزاما على صاحبه استغلاله في وسائل التعبير وتوظيفه في توصيل الرسائل العلنية والرمزية بالكتابة والرسم / الوشم حتى يوازي الجسد كل الصيحات المستجدة بلغة العصر .. وهو اسلوب عصري للتواصل مع الاخر من غير اقحام او اكراه ويرسل عبرالجسد ما شاء من الافكار والامال والاحلام وحتى الالم .. ولتلك اللغة فعالية قصوى في التاثير حتى اصبح الجسد ياخذ بعدا سياسيا وهو محور الاقتصاد العالمي ومحركه
ويتخذ من عري الجسد والكتابة عليه ابرز المطالب ورمزا للاعتراض والاحتجاج على حدث او قانون او قرار ما كما في المظاهرات والاحتجاجات وفي الاحداث الرياضية لتاييد فريق كروي وغير ذلك
عبر  الجسد يشعر المرء بالم الاخرين وفرحهم .. وعبره يدرك غور الماسي المتجددة الحضور في الجسد / الحياة كموضوع يستلزم كشف مضمونه
كيف نفهم تعابير الجيد ولغته الغامضة والمتعطشة بالاستفهام !
ان اجسادنا امست وسيلة تعبيرية بلا شك لا حدود للتعبير عما يكتنفه من تعرية وصدمة واندهاش .. وترتبط فلسفيا بالسلوك والوظائف وغيرها من الحركات التي تجعل منه موطن المعنى ..
هل اجسادنا مستقلة عن الانا ! ام انها ضحية للوسائل المثلى للتعبير عن الافكار والمعاناة والالم بشكل طبيعي ومخاطبة الاخر بما يراد قوله عبر الانا ..
يقول ادونيس : ما اعمق الوحدة بين الدم والحبر
ونقول : ما اعمق الوحدة حين لا نستطيع التعبير فنختزل ذلك عبر نقش سطح الجيد الالم 
بقلم : عبدالله الرواس  طنجة
جريدة البوغاز 10 / 6 / 2009  






ليست هناك تعليقات:

masrazhar: الدرر السنية في الأذكار النبوية السيد عبد الله بن ...

masrazhar: الدرر السنية في الأذكار النبوية السيد عبد الله بن ... : بسم الله الرحمن الرحيم قال صلى الله عليه وسلم "الإحسان أن تعب...